recent
أخبار ساخنة

مقاربات وضعيات التعليم والتعلم:

عن إدارة الموقع
الصفحة الرئيسية
مقاربات وضعيات التعليم والتعلم:
تعتمد مقاربات وضعيات التعليم التعلم على مجموعة من البيداغوجيات المرتكزة على نشاط عملي يتكون من مجموع تصرفات المدرس والمتعلمين داخل القسم، الذي ينتهي إلى اختيار طريقة ما أو مجموعة من الطرائق في التدريس، والقيام بإجراءات وتقنيات معينة، نوظفها بارتباطها مع وضعية تعليمية محددة، من أجل تحقيق أهداف مرجوة. من جملة هذه المقاربات البيداغوجية التي تم اختيارها، هي: البيداغوجية المعرفية، والبيداغوجية الفارقية، وبيداغوجية المشروع وبيداغوجية حل المشكلات. 
1. البيداغوجية المعرفية:
تطلق البيداغوجية المعرفية على كل ممارسة بيداغوجية تتوخى تبليغ المعرفة فقط إلى المتعلمين، وشحن أذهانهم بمعلومات جاهزة (في الغالب يطلق عليها بيداغوجية تقليدية)، وهي مجموعة من الطرائق والمناهج تستند إلى تصور عن المعرفة وعن العلاقة بين المتعلم ومحيطه. 
لقد حدد باري A. Paré، 1977، في كتابه "إبداع وبيداغوجية مفتوحة" Créativité et pédagogie ouverte، أساس البيداغوجية المعرفية في المبادئ التالية:
1) إن الحقيقة معلومة من قبل وموجودة خارج الأفراد وجودا موضوعيا يمتلكها أشخاص، أو كونها مخزونة في الكتب والآثار. 
2) إن اكتساب هذه المعرفة يتم من الخارج، وبالأخص من طرف المربي / المدرس. 
3) إن لهذا المربي/ المدرس حق الضبط والتقويم والمعاقبة على الخطأ. 
4) على المتعلم الذي لا يعرف، الانضباط والخضوع للمدرس الذي يعرف، لكي يتعلم. 
إلى جانب ما سبق، يرى باكيت C. Paquette (1979) في كتابه " نحو بيداغوجية الاكتشاف " Vers une pédagogie de la découverte، وقد حدد أسس هذا التصور البيداغوجي المعرفي فيما يلي:
1) يعتبر المتعلم راشدا صغيرا خاضعا لسلطة المدرس والتقاليد الموروثة. 
2) تبدو الأهداف وكأنها غايات نسعى إليها، وترتبط بها برامج متمركزة على المعارف. 
3) تعطي الأولوية لتعليم فردي تصحيحي تنافسي. 
4) يعتبر التعلم اكتسابا للمعلومات والمحتويات. 
5) تسود قيم الحفظ والخضوع للسلطة. 
إن البيداغوجية المعرفية التي يطلق عليها، في الغالب، بيداغوجية تقليدية تتضمن اتجاهات وممارسات مختلفة، تتميز عما يسمى اليوم بالبيداغوجية الجديدة أو الحديثة الفعالة. وهذه البيداغوجية ليست تيارا موحد المعالم، وإنما هي خليط من المواقف والاتجاهات والممارسات التربوية، تلتقي عند سمات عامة مشتركة. فطبيعة الإنسان الثابتة التي تقصي الاختلافات والفروق الفردية بين الأفراد، تعتبر السمة الجوهرية التي تلتقي عندها جميع تلك الممارسات، مما بجعل للتربية بدورها خاصيات ثابتة، بكونها تنظر إلى الإنسان من حيث هو كائن مجرد، ولا تعير اهتماما لحوافزه الداخلية واستعداداته الذاتية وميولا ته الخاصة... إنها تربية تتم بمعزل عن الحياة في بعدها الاجتماعي والنفسي، لأنها تنقل معرفة جاهزة، يفترض أنها مطلقة وصحيحة، تمثل مثلا عليا من الفكر والفن. فوظيفة التربية في هذه الحالة هي جعل الفرد يمتلك المثل ويتشبع بها. ولتحقيق ذلك لابد من تهذيب الفرد وجعله يتلقى، بإعجاب كبير، المعارف والأفكار والفنون، بعيدا عن مشاكل الحياة اليومية. 
وعلى أساس هذه السمة الجوهرية، يمكن أن نفهم طبيعة وخصائص الممارسات التي تنضوي تحت تسمية البيداغوجية المعرفية أو البيداغوجية التقليدية المرتكزة على المعرفة. هذه الخصائص هي:
1- مركزية المعرفة:
تتطلب البيداغوجية المعرفية المدعوة البيداغوجية التقليدية، من أن المعرفة مركز التعليم والتعلم، فالكل في خدمة المادة الدراسية، أي المعرفة. وبما أن المتعلم غير مؤهل لفهم المادة/المحتوى، فإنها غالبا ما تقدم إليه مجزأة إلى فروع وأقسام وتصنيفات، يتم حشوها بأساسيات المعرفة. بذلك تضبط بسهولة طرق تلقينها، في حين تقتصر مجهودات المتعلم على حفظها وتذكرها واستظهارها عند الحاجة. 
هذه المركزية على المعرفة، تعتمد نموذجا متمركزا حول المادة/المحتوى الذي يقوم على الخصائص التالية:
1) النظر إلى المعرفة كغاية في حد ذاتها. 
2) اختيار المحتوى في ضوء المعرفة ذاتها من حيث البنية التي تتركب منها، دون اعتبار المتعلم وخصوصيته، والاقتصار على التنظيم المنطقي للمادة (من الجزء إلى الكل مثلا). 
3) الاقتصار على تخطيط المنهاج على المادة الدراسية وحدها
4) الاعتماد على التلقين وتبليغ المعلومات المنظمة في مقرر متكامل ومحدد. 
5) النظر إلى الوسائل على أن وظيفتها هي المساعدة والإيضاح فقط، قصد تبليغ المادة. 6) الاعتماد على النشاط المدرسي داخل الأقسام دون الاتصال بالمحيط الخارجي. 
6) الاعتماد على تقويم المتعلمين من خلال الحفظ والاسترجاع. 
2- مركزية المدرس في عملية التعليم والتعلم:
إذا كانت المعرفة ثابتة ومطلقة، فمن المفروض أن يتم نقلها إلى المتعلم بواسطة المدرس. فالمدرس هو مركز النشاط والحركة معتمدا في ذلك على مبدأ السلطة الذي يستمده من سلطة النماذج الثقافية والمعرفية التي يسعى إلى تبليغها للمتعلمين، مثلما يستمد سلطته أيضا من خبراته ومواقفه داخل التنظيم الإداري والتربوي. وهكذا، فسلطته معرفية اجتماعية وإدارية. 
وعلى هذا، فمركزية المدرس، تقوم على الأسس التالية:
1) النظر إلى المعرفة باعتبارها مستقلة عن المتعلم، يكتسبها بتدخل المدرس. 
2) يكون التعلم موجها من الخارج أي من المحيط. 
3) عدم اعتبار خصوصيات المتعلم. 
4) يشغل المدرس مهام التخطيط والتسيير والضبط. 
5) يعتمد التدريس على طريقتي التلقين والحوار الموجه (سؤال / جواب). 
7) تكون الحوافز خارجية تعتمد على الثواب والعقاب. 
إذا تأملنا نتائج البيداغوجية المعرفية وممارساتها الديداكتيكية، فإننا نلاحظ أنها تجسد معايير وغايات النسق التربوي الذي يرى في المدرسة أداة للمحافظة على نماذج السلوك السائدة والقيم السالفة، انطلاقا من كون المعرفة ثابتة يتم نقلها بواسطة المدرسة من جيل إلى آخر. ولهذا النسق سمات عامة تميزه، فمنها ما هو بنائي وما هو وظيفي:
- يتميز بنائيا من بنية إدارية هرمية في اتخاذ القرارات، وتتميز شبكات العلاقات والتفاعلات بالتواصل العمودي، وبوجود حواجز بين بنيات هذا النسق إداريا وتربويا. 
- ويتميز وظيفيا بتخطيط إداري للتربية، ينبني على منطق تنفيذ التعليمات الرسمية، وتطبيق ما خطط له بدءا بالمسؤول الإداري إلى المسؤول التربوي (المفتش) إلى المدرس فالمتعلم. فداخل هذه العلاقة، غالبا ما يفتقد حس المبادرة والتجريب، وتغيب عملية التصحيح المستمر لآليات وسيرورات النسق التربوي. 
2- البيداغوجية الفارقية:
تطلق البيداغوجية الفارقية على بيداغوجية الفروق الفردية، وهي عبارة عن إجراءات وعمليات تهدف إلى فعل التعليم والتعلم، متكيفا مع الفروق الفردية بين المتعلمين قصد جعلهم يتحكمون في الأهداف المتوخاة. وهي بيداغوجية تقوم أساسا على السيكولوجية الفارقية التي برهنت نتائجها على أن الأفراد، منذ ولادتهم، يتميزون بعضهم عن البعض في مجالات عدة، وأن وتيرة النمو الطبيعي، عندهم، يختلف نتيجة لعدة عوامل يرتبط بعضها بالجانب الوراثي، وبعضها الآخر بالظروف البيئية والاجتماعية. 
وعلى هذا الأساس السيكولوجي الفارفي تأسست البيداغوجية الفارقية، إيمانا منها بضرورة مراعاة الفروق الفردية والجماعية بين المتعلمين. إن الاختلافات الفردية التي يقرها علم النفس الفارقي، ظاهرة عامة تشترك فيها جميع الكائنات الحية. وتعود هذه الاختلافات إلى أسباب عدة؛ منها ما يرجع إلى العوامل الوراثية عند الفرد، ومنها ما يعود إلى العوامل البيئية والاجتماعية. وكل تصرف أو سمة من السمات الخاصة بكل فرد، تتوقف على العوامل المذكورة في صورتها التفاعلية. 
فإلى جانب هذه الاختلافات الفردية، هناك اختلافات وفروق بين الجماعات، كالفروق بين الإناث والذكور، بين أهل الأرياف وأهل الحواضر، بين ساكنة المناطق الجبلية وساكنة السهول، بين ساكنة المناطق الحارة وساكنة المناطق الباردة.. بين الفئات المختلفة بالأقسام المشتركة في التعليم بالوسط القروي (أنظر موضوع التدريس بالوسط القروي). 
إن معرفة الفروق الفردية، إن كانت تهدف إلى فهم أشكال الاختلاف بين الأفراد والجماعات قصد تحديد سلوكياتهم، فإنما ذلك لغاية أعظم، هي ضبط وملاءمة فاعليتنا في المجال التربوي، وخاصة عندما ندرك حق الإدراك أن الاختلاف الفردي والجماعي هما مسألتان خارجيتان لا يتحكم فيهما الفرد أو الجماعة، بقدر ما تتحكمان فيه أو فيها. 
فإذا كان أصحاب التيار الوراثي ينطلقون من تصور إيبستيمولوجي عقلاني ذاتي، وكان أصحاب التيار البيئي يستمدون نظرياتهم من تصور إيبستيمولوجي وضعي موضوعي، فهناك تيار ثالث يجمع بين العاملين معا، منطلقين في ذلك من تصور إيبستيمولوجي بنائي عقلاني تطبيقي. والحقيقة أن الفصل بين ما هو وراثي وما هو بيئي في شخصية الفرد والجماعة أمر عسير؛ خاصة وأن العامل البيئي يدخل في عملية تخصيب البويضة في الرحم، كما أن العامل الوراثي لا يتوقف خلال هذه العملية، بل إنه يستمر باستمرار حياة الفرد، بحيث أن العديد من الأمراض الجسمية والنفسية التي يتعرض لها الفرد خلال حياته، قد تكون ذات أصل وراثي يشجع على ظهورها في وقت معين، العامل البيئي الخارجي. 
من هنا، تأتي أهمية التفاعل بين العاملين معا في شخصية الفرد والجماعة. وتترسخ القناعة بأنهما مكونان أساسيان لها. إن الأخذ بعامل واحد دون سواه، مسألة تنم عن قصور في إدراك حقيقة الذات / الجماعة، ما دام المنتوج المعرفي والحس حركي والوجداني هو حصيلة معادلة تفاعل العاملين المذكورين. لقد ذهب بياجي في منهجه البنائي في تحليل نمو البنيات الذهنية وقدرتها على استيعاب الوضعيات الإشكالية التي يواجهها الفرد، على أن التعلم يحدث في عملية التفاعل بين الذات المتعلمة وبيئة المتعلم / المحيط،، نتيجة استيعاب الذات الموضوع الإشكال Assimilation، وذلك من خلال العمليات الذهنية الملائمة. وقد يكون الأمر معكوسا، بحيث يؤثر المحيط على الذات، وعندئذ يحصل التلاؤم Accommodation. وعلى هذا الأساس، فإن عملية بناء المعرفة إنما هي تفاعل بين الذات والمحيط الخارجي. ذلك هو منطق التصور الإيبستيمولوجي التفاعلي للنظرية التكوينية. 
انطلاقا مما سبق، يمكن القول إن البيداغوجية الفارقية تقود بالضرورة إلى التعليم المفردن أو تفريد التعليم باعتباره إجراء تعليمي ينطلق، من حيث أهدافه ومضامينه وطرقه وبرمجته، من خصائص المتعلم، متيحا بذلك لكل متعلم على حدة، تعليما يتناسب مع حاجاته ويتلاءم مع قدراته وإمكاناته، ويتماشى مع ميوله واهتماماته. 
ويمكن أن ننظر إلى التعليم المفردن القائم على الفروق الفردية من حيث هو:
- تصور فلسفي يرتكز على الاختلاف والتنوع بدلا من التوحيد والتنميط. 
- اتجاه ذو نزعة إنسانية يؤمن بالحرية الفردية وبضرورة مراعاة ظروف كل متعلم وأخذها في الحسبان عوض التقييد والإلزام. 
- مفهوم يؤكد تعددية مصادر المعرفة وتنوعها. 
- نموذج تربوي يدعو إلى تعدد الأنشطة التربوية / التعليمية، منطلقا بذلك من فرضية أساسية مفادها أن المتعلمين يتمايزون من حيث أساليب تعلمهم ووتيرتهم، الأمر الذي يفرض الاستناد إلى: 
* احترام الفروق الفردية القائمة بين المتعلمين. 
* صياغة أهداف التعليم انطلاقا من حاجات المتعلمين و إنجازاتهم الخاصة. 
* توظيف طرق بيداغوجية تستمد فعاليتها من قدرتها على جعل المتعلم يحقق الأهداف المسطرة اعتمادا على قدراته الخاصة. 
بهذا، فإن التعليم المفردن أو البيداغوجية الفارقية تحقق مجموعة من الميزات، منها: 
- أنه تعليم قصدي يراعي الخصوصية الذاتية لكل متعلم. 
- أنه تعليم يعتبر أن لكل متعلم الحق في النجاح والتفوق، فالمتعلم مسؤول عن مسار تعلمه، إذ يسعى إلى تحقيق أهدافه التي رسمها بمساعدة مدرسه. 
- أنه تعليم يعمل على تقويم مردودية المتعلم انطلاقا مما أنجزه، اعتمادا على مجهوداته الخاصة، بعيدا عن أية عوامل خارجية، كمقارنة نتائجه بمردودية غيره من المتعلمين. 
لقد حدد بيرزي (Birzéa 1982)، في كتابه "بيداغوجية النجاح" Pédagogie du succès السمات البيداغوجية الفارقية والإجراءات الديداكتيكية لتطبيقها، وهي كما يلي:
أ- سمات البيداغوجية الفارقية:
1) كونها بيداغوجية مفردنة تعترف بالمتعلم كشخص له تمثلاته الخاصة. 
2) كونها بيداغوجية متنوعة تفتح مجموعة من المسارات التعلمية تراعي فيها قدرات المتعلم. 
3) كونها تعتمد توزيعا للمتعلمين داخل بنيات مختلفة تمكنهم من العمل حسب مسارات متعددة، ويشتغلون على محتويات متمايزة بهدف استثمار أقصى إمكاناتهم وقيادتهم نحو التفوق والنجاح. 
ب- الإجراءات الديداكتيكية لتطبيق البيداغوجية الفارقية: 
1) انتقاء الأقسام والمواد. 
2) جرد الأهداف العامة للمواد المدرسة. 
3) تحديد الأهداف الخاصة مع مراعاة عامل الوقت ودرجة التحكم في المنهجية. 
4) اختيار وإعداد البنيات الملائمة. 
5) تعيين الأهداف الإجرائية المراد تحقيقها. 
6) تحديد المقاطع الديداكتيكية ومعيار النجاح. 
7) إنجاز تقويم جردي. 
وكاستنتاج نهائي، يمكن القول، إن البيداغوجية الفارقية أو التعليم المفردن، تقوم أو يقوم على تطبيق أساليب وتوقعات ديداكتيكية موازية لما تفرضه المجهودات الخاصة لكل فرد فرد، وبذلك، يختلف (التعليم المفردن) عن التعليم الجماعي القائم على مبدأ تجانس المتعلمين وتوحدهم، رغم الاختلافات والفوارق الفردية، وذلك من أجل تحقيق الأهداف المرغوب فيها. 
3- بيداغوجية المشروع وبيداغوجية حل المشكلات:
تقوم بيداغوجية المشروع وبيداغوجية حل المشكلات على فلسفة ديوي J. Dewey في التربية، التي ترى أن غاية التربية هي: ارتباطها بالنشاط في مجالاته الحاضرة المتعلقة بالحياة، والتي تمكن من الاختيار  الحر وتحقيق المشروعات وحل المشكلات في الحياة. فالتربية تعلم الأفراد كيف يحققون مشاريعهم ويحلون المشاكل التي تعترض طريقهم، من أجل تحقيق ذواتهم. ولهذا يلزم أن يكون المنهاج التعليمي مشتملا على التجارب والأنشطة الحية، لا على المعارف السابقة، ويلزم ربط المتعلم بتجربة الحياة اليومية. 
أ- بيداغوجية المشروع:
يعتبر المربي الأمريكي كيلباتريك Kilpatrick، أول من وضع المبادئ العامة لبيداغوجية المشروع، حيث انطلق من اعتبار أن ساس المشروع هو الغرض الذي يستولي على المتعلم ويريد تحقيقه. وكان هدف كيلباتريك من بيداغوجيته، أن يوجد موقفا تعليميا يجتمع فيه وضوح الغرض والنشاط التعليمي، ويمتزج فيه النشاط العقلي بالنشاط الجسمي في وسط اجتماعي، يشتمل على علاقات اجتماعية، تحقق نمو المتعلم وتحويله إلى مواطن يتمكن من أن يعيش في مجتمع ديموقراطي. 
بهذا المعنى، فإن بيداغوجية المشروع هي عبارة عن طريقة تقوم على تقديم مشروعات للمتعلمين في صيغة وضعيات تعليمية تدور حول مشكلة واضحة، تجعل المتعلمين يشعرون بميل حقيقي لبحثها وحلها، حسب قدرات كل منهم، وبتوجيه وإشراق المدرس، وذلك اعتمادا على ممارسة أنشطة ذاتية متعددة في مجالات شتى. وتنطلق هذه الطريقة من تجاوز الحدود الفاصلة بين المواد الدراسية، حيث تتداخل هذه المواد لكي تتمحور حول مجموعة من الأنشطة الهادفة. وبهذا تصبح المعلومات والمعارف مجرد وسيلة لا غاية في ذاتها. 
أما الخطوات بيداغوجية المشروع و طريقة المشروعات فتتحدد فيما يلي:
1- اختيار المشروع وتحديد أهدافه: وذلك بإشراك المتعلمين والتداول معهم في شأنه. وينبغي أن يكون المشروع: 
- متوافقا مع ميول المتعلمين ورغباتهم. 
- خصبا، يثير أنشطة متعددة ويمس مجالات عمل متنوعة. 
- قابلا للتنفيذ. 
- ذا ارتباط مع الموضوعات المقررة ومع بقية المواد الدراسية الأخرى. 
2- تخطيط المشروع وتنظيمه: يقوم المدرس بمعية المتعلمين بتخطيط المشروع وتنظيمه في ضوء الاحتمالات الممكنة، وذلك لضمان عدم الإخفاق في تنفيذه. ويشمل ذلك:
- تحديد الأهداف التي يجب تحقيقها من خلال المشروع. 
- تقسيم المشروع إلى مراحل واضحة وخطوات محددة. 
- تعيين مجموعات التلاميذ الذين سيتولون تنفيذ مرحلة من مراحل المشروع. 
- بيان وسائل التنفيذ ومصادر المعلومات والبيانات، وكيفية الحصول عليها. 
- تحديد المدة الزمنية الضرورية لتنفيذه. 
3- تنفيذ المشروع: تبدأ مجموعات التلاميذ في تنفيذ جوانب المشروع تحت إشراف المدرس ومساعدته، وفقا لما تم الاتفاق عليه بالنسبة للتخطيط والتنظيم. 
4- تقويم المشروع: وتعد هذه العملية آخر مراحل التدريس بطريقة المشروع. وفيها يناقش المدرس المتعلمين فيما أنجزوه، × فيقدمون إنجازاتهم وآ-رائهم، ويعملون على تقويم مل حققوه من أهداف، ومدى نجاحهم في عمليات التخطيط والتنظيم والتنفيذ، كما يتعرفون على مواطن الضعف وأماكن الخطأ كي يعملوا على تحاشيها مستقبلا، ويبلورون النتائج التي توصلوا إليها في صورة عملية منظمة، توضح جوانب الظاهرة التي شكلت موضوع المشروع. 
ب- بيداغوجية حل المشكلات:
إذا كانت بيداغوجية المشروع وبيداغوجية حل المشكلات ترتبط بفلسفة التربية لدى ديوي، كما سلف الذكر، فإن بيداغوجية حل المشكلات في جانبها التطبيقي، يكاد ينفرد بها جون ديوي في طريقتها القائمة على المشكلة. إن المشكلة في رأي ديوي، هي حالة شك وارتباك يعقبها تردد، وتتطلب بحثا خاصا يجري لاستكشاف الحقائق التي توصل إلى الحل والتشخيص. ن الذي تعترضه مشكلة ويضطر إلى التفكير فيها كعابر السبيل في مفترق الطرق، إذ يجد نفسه يقف هنيهة مترددا: أيسير يمنة أم يسرة؟ أيتجه إلى الأمام أم يرجع إلى الخلف؟ هذه حالة حيرة دعت الغريب إلى التفكير، ولولا هذه الحالة لما بعث عقله إلى التفكير. وعلى ذلك لابد أن تكون هناك مراحل التفكير أو خطوات يتبعها العقل عند حله مشكل من المشاكل. وهذه الخطوات هي:
1- وجود مشكلة ما: ويصح أن نسميه مرحلة شك أو تردد أو الشعور بالحاجة إلى التفكير. والمشكلة لا تسمى بهذا الاسم إلا إذا تطلبت منا بحثا خاصا وإلا خرجت من كونها مشكلة، وأصبحت أمرا عاديا. إن رغبتنا في حل المشكلة، في نظر ديوي، هي الباعث لعملية التأمل الهادئة (مثال طالب يفكر هل يستمر في التدخين أم يضرب عنه؟)
2- تحديد هذه المشكلة: أي تنظيم الحالات الفعلية وترتيبها وحصرها، ذلك حسب الأهمية، الأهم، فالمهم، وترك العناصر الغير المهمة. قد تكون المشكلة متعددة الجوانب مما يؤدي إلى تشعب ولبس وغموض. لذا لابد من:
- تحديد المشكلة وحدها حتى يستقر في الذهن غرض واحد. 
- في المثال السابق (التدخين)، نستطيع أن نفكر في الموضوع من نواحي عدة؛ من الناحية الاقتصادية والصحية والخلقية... الخ. فخطورة تحديد المشكلة تتضمن اختيار العناصر المهمة في الموضوع، والتنظيم الملائم لها حتى يصبح ذا قيمة. يقول ديوي: " إنه في أثناء هذه العملية، نجد أن هناك نزعة عند العقل تدفعه إلى استخدام قانون الاقتصاد في التفكير، أي أن العقل يرمي إلى اتباع أقصر الطرق وأقربها وأقلها مقاومة حتى يصل إلى الحل. "
3- افتراض الحلول: بعد تحديد المشكلة يسرع العقل في استعراض الحلول المختلفة، على أن هذه الحلول الموجودة فعلا، غير كافية، لأنها لو كانت كافية لما وجدت مشكلة، على أن من العناصر الموجودة فعلا، ما يوحي إلينا بعناصر أخرى. فافتراض الفروض هو الخطوة الفعالة في التفكير. والغرض نفسه، ما هو إلا فكرة توهمنا أنها توصلنا إلى الحل... فبعد أن يبحث الإنسان في الحقائق والمشاهدات (ملاحظة الطالب في الإضراب عن التدخين فيما حوله، ثم يطرح مجموعة من الفرضيات: معطل للنمو الحسي، معطل للعقل، مؤثر على الصحة...) فالغرض إذن نوع من التعرف يراه المفكر صالحا لحل المشكل، أو هو فكرة يعتقد الإنسان أنها موصلة لحل المشكلة. 
4- تحقيق الفروض: في كثير من الأحيان نجد أن هناك مشكلة من المشاكل لها وجوه للحل، فهي تقبل أكثر من فرض واحتمال واحد. فيجب أن يجرب هذه الفروض المختلفة، فرضا فرضا، حتى يصل الإنسان إلى الحل. ولكن، يجب أن نتمسك بوجهة نظرنا، لأن أساس صحة التفكير هو الشك والتريث في الحكم حتى تظهر عناصر جديدة، أما أن تؤيد أو ترفض، هذا الفرض (طرح لماذا بعد الجواب على الفروض). 
5- التطبيق: إن التطبيق يتجلى في تحقيق الحلول التي انتهى إليها العقل. فبعد ذلك يرغب الشخص في التأكد من صحة هذا الحل، وذلك بأن يختبره بالتجربة، فإن أيدته التجربة قبلناه، وإذا وجدنا الوقائع تخالفه رفضناه. وهنا نبحث، فنجد أن التدخين ممنوع في أوساط الرياضيين باعتباره يضعف القوة البدنية، و نجد المدخنين من الطلبة أضعف في مستواهم العقلي من غيرهم، كما دلت الإحصائيات التجريبية التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى ذلك يقبل العقل هذا الفرض ويعتقد صحته. 
من هنا، فبيداغوجية حل المشكلات تشير إلى طرائق وتقنيات ديداكتيكية تجعل المتعلمين في وضعية تدفعهم إلى البحث عن حلول مشكل معين. وتتدرج طرائق حل المشكلات وفق خطوات عامة يقوم بها المتعلمون، والتي يمكن تلخيصها فيما يلي: 
- يواجه المتعلمون وضعية المشكل تدفعهم إلى الحساس بحاجة 7إلى بحث عن حلول. 
- يقدم المتعلمون أجوبة مؤقتة لحل المشكل تكون غالبا عبارة عن فرضيات بسيطة أو مقترحات أو قرارات أولية. 
- يفحص المتعلمون الأجوبة المؤقتة ويختبرون فرضياتهم من خلال أنشطة، مثل القيام باستطلاعات، إنجاز تجارب، الاتصال بالوثائق... 
- يقوم المتعلمون النتائج ويحددون الحلول أو القرارات المتفق عليها. 
ومن الأهداف العامة التي يتوخى التدريس تحقيقها بطريقة المشروع وطريقة حل المشكلات، ما يلي:
- التوافق مع ميول المتعلمين وقدراتهم. 
- الربط بين النظر والعمل، بين الفكر والممارسة. 
- تأسيس التعلم على النشاط الذاتي للمتعلمين. 
- تعديل السلوك واكتساب عادات وخبرات جديدة ومواقف إيجابية. 
- ربط التعليم بمواقف الحياة الاجتماعية. 
- تعويد المتعلمين على الأسلوب العلمي في التفكير وفي حل المشكلات التي تعترضهم. 
- التدريب على التخطيط والتنظيم، وعلى القدرة على جمع المعلومات والبيانات وتوظيفها. 
google-playkhamsatmostaqltradent